لافتات

(البيان الأول)

قلمى وسط دواة الحبر غاص

ثم غاص

ثم غاص

قلمي فى لجة الحبر اختنق

وطفت جثته هامدة فوق الورق

روحه في زبد الأحرف ضاعت في المدى

و دمى في دمه ضاع سدى

و مضى العمر و لم يأت الخلاص

آه ياعصر القصاص

بلطة الجزار لا يذبحها قطر الندى

لا مناص

آن لي أن أترك الحبر

و أن أكتب شعري بالرصاص

****

(عقوبات شرعيّـة)


بتَرَ الوالـي لساني

عندما غنّيتُ شِعْـري

دونَ أنْ أطلُبَ ترخيصاً بترديدالأغاني

بَتَرَ الوالي يَـدي لمّـا رآني

في كتاباتيَ أرسلتُ أغانيَّ

إلى كُـلِّ مكـانِ

وَضَـعَ الوالـي على رِجلَيَّ قيداً

إذْ رآني بينَ كلِّ الناسِ أمشي

دونَ كفّـي ولسانـي

صامتـاً أشكـو هَوانـي.

أَمَـرَ الوالي بإعدامـي

لأنّـي لم أُصَـفّقْ- عندما مَرَّ -ولَـم أهتِفْ..ولَـمْ أبرَحْ مكانـي !
****

(حالات)

بالتّمـادي

يُصـبِحُ اللّصُّ بأوربّـا

مُديراً للنـوادي.

وبأمريكـا زعيمـاً للعصاباتِ وأوكارِ الفسـادِ

وبأوطانـي التي

مِـنْ شرعها قَطْـعُ الأيادي

يُصبِـحُ اللّصُّ.. رئيساً للبـلادِ !

****

(صنـدوق العجائب)

فـي صِغَـري فَتَحْـتُ صُـندوقَ اللُّعَـبْ

.أخْرَجـتُ كُرسيّاً موشّـى بالذّهَـبْ

قامَـتْ عليـهِ دُميَـةٌ مِنَ الخَشَـبْ

في يدِهـا سيفُ قَصَـبْ

خَفَضـتُ رأسَ دُميَتي

رَفعْتُ رأسَ دُمـيتي

خَلَعتُهـا .نَصَبتُهـا .خَلعتُها .. نَصبتُها

حـتّى شَعَرتُ بالتّعَـبْ

فما اشتَكَـتْ مـن اختِلافِ رغبتي

ولا أحسـّتْ بالغَضـبْ !

وَمثلُها الكُرسـيُّ تحتَ راحَـتي

مُزَوّقٌ بالمجـدِ .. وهـوَ مُستَلَبْ

فإنْ نَصَبتـهُ انتصـبْ

وإنْ قَلبتُـهُ انقَلَـبْ !

أمتَعني المشهـدُ،لكـنّ أبـي

حينَ رأى المشهدَ خافَ واضطَرَب

ْوخَبّـأَ اللعبـةَ في صُـندوقِها

وشَـدَّ أُذْنـي .. وانسحَـبْ !

وَعِشتُ عُمـري غارِقـاً في دهشتي

وعنـدما كَبِرتُ أدركتُ السّبب

ْأدركتُ أنَّ لُعبتي

قـدْ جسّـدَتْ كُلَّ سلاطينِ العـرَبْ !

****

(نهايـة المشروع)

أحضِـرْ سلّـهْ

ضَـعُ فيها " أربعَ تِسعاتٍ "

ضَـعُ صُحُفاً مُنحلّـهْ

ضـعْ مذياعاً

ضَـعْ بوقَـاً، ضَـعْ طبلَـهْ

ضـعْ شمعاً أحمَـرَ،

ضـعْ حبـلاً،

ضَـع سكّيناً،

ضَـعْ قُفْلاً.. وتذكّرْ قَفْلَـهْ

ضَـعْ كلباً يَعقِـرْ بالجُملَـهْ

يسبِقُ ظِلّـهْ

يلمَـحُ حتّى اللاأشياءَ

ويسمعُ ضِحـْكَ النّملَـهْ !

واخلِطْ هـذا كُلّـه

ْوتأكّـدْ منْ غَلـقِ السّلـهْ

ثُمَّ اسحبْ كُرسيَّاً واقعـُـدْ

فلقَـدْ صـارتْ عِنـدَكَ.. دولَـهْ !
****

(مفقــودات)


زارَ الرّئيسُ المؤتَمَـنْ

بعضَ ولاياتِ الوَطـنْ

وحينَ زارَ حَيَّنا

قالَ لنا :هاتوا شكاواكـم بصِـدقٍ في العَلَـن

ْولا تَخافـوا أَحَـداً..فقَـدْ مضى ذاكَ الزّمَـنْ

.فقالَ صاحِـبي ( حَسَـنْ ) :يا سيّـدي

أينَ الرّغيفُ والَلّبَـنْ ؟

وأينَ تأمينُ السّكَـنْ ؟

وأيـنَ توفيرُ المِهَـنْ ؟

وأينَ مَـن ْ

يُوفّـرُ الدّواءَ للفقيرِ دونمـا ثَمَـنْ ؟

يا سـيّدي

لـمْ نَـرَ مِن ذلكَ شيئاً أبداً

.قالَ الرئيسُ في حَـزَنْ :

أحْـرَقَ ربّـي جَسَـدي

أَكُـلُّ هذا حاصِـلٌ في بَلَـدي ؟!

شُكراً على صِـدْقِكَ في تنبيهِنا يا وَلَـدي

سـوفَ ترى الخيرَ غَـداً
**

وَبَعـْـدَ عـامٍ زارَنـا

ومَـرّةً ثانيَـةً قالَ لنا :

هاتـوا شكاواكُـمْ بِصـدْقٍ في العَلَـن

ْولا تَخافـوا أحَـداً

فقـد مَضى ذاكَ الزّمَـنْ

.لم يَشتكِ النّاسُ !

فقُمتُ مُعْلِنـاً :

أينَ الرّغيفُ واللّبَـنْ ؟

وأينَ تأمينُ السّكَـنْ ؟

وأينَ توفيـرُ المِهَـنْ ؟

وأينَ مَـنْ
يوفِّـر الدّواءَ للفقيرِ دونمَا ثمَنْ ؟

مَعْـذِرَةً يا سيّـدي.. وَأيـنَ صاحـبي ( حَسَـنْ ) ؟!

****

(احتيـاط)

فُجِعَـتْ بي زوجَـتي

حينَ رأتني باسِما !

لَطَمـتْ كفّـاً بِكـفٍّ

واستَجارتْ بالسَّمـا .

قُلتُ : لا تنزَعِجـي .. إنّي بِخَيرٍ

لم يَزَلْ دائــي مُعافـى وانكِسـاري سالِمـا !

إطمئنّي ..كُلُّ شيءٍ فيَّ مازالَ كَما ..

لمْ أكُـنْ أقصِـدُ أنْ أبتَسِم

اكُنتُ أُجري لِفمي بعضَ التّمارينِ احتياطاً

رُبّمـا أفرَحُ يومـاً ..رُبّمــا !
****

(بيتُ الداء)

يا شعـبي .. ربَي يهديكْ .

هـذا الوالي ليسَ إلهـاً ..

ما لكَ تخشى أن يؤذيك ؟

أنتَ الكلُّ، وهذا الوالي

جُـزءٌ من صُنـعِ أياديكْ

مِـنْ مالكَ تدفعُ أُجـرَتَهُ

وبِفضلِكَ نالَ وظيفَتَـهُ

وَوظيفتُهُ أن يحميكْ

أن يحرِسَ صفـوَ لياليكْ
وإذا أقلَـقَ نومَكَ لِصٌّ
بالروحِ وبالدَمِ يفديكْ !

لقبُ (الوالي ) لفظٌ لَبِـقٌ

مِنْ شِـدّةِ لُطفِكَ تُطلِقَـهُ

عنـدَ مُناداةِ مواليكْ !

لا يخشى المالِكُ خادِمَـهُ

لا يتوسّـلُ أن يرحَمَـهُ

لا يطلُبُ منـهُ التّبريكْ .

فلِماذا تعلـو، يا هذا،بِمراتبِهِ كي يُدنيكْ ؟

ولِماذا تنفُخُ جُثّتـُهُ

حـتّى ينْزو .. ويُفسّيكْ ؟

ولِماذا تُثبِتُ هيبتَهُ ..حتّى يُخزيكَ وَينفيكْ ؟!

العِلّـةُ ليستْ في الوالـي ..العِلّـةُ، يا شعبي، فيكْ .

لا بُـدّ لجُثّـةِ مملـوكٍ

أنْ تتلبّسَ روحَ مليكْ

حينَ ترى أجسـادَ ملـوكٍ

تحمِـلُ أرواحَ مماليكْ